تاريخ الفكر السياسي اليوناني القديم

 الفكر السياسي اليوناني أرسطو(أرسطوطاليس) 384 : 322 ق.م

بيئته ونشأته
ولد في إستاجيرا اليونانية عام 384 ق.م وتوفي في عام 322ق.م ، وكان أبوه طبيبا في البلاط المقدوني ، وبالتالي فقد اطلع أرسطو منذ نعومة أظفاره على كتب الطب وتأثر بمنهجها (الأمر الذي انعكس بالموضوعية على منهجه) ، كذلك فقد عاش حياته في أثينا كأجنبي وبالتالي فلم تكن له حقوق سياسية ، ولم يطمح في الحكم (وهذا أمر آخر أكد للموضوعية في منهجه) ، ثم إنه تتلمذ على يد أفلاطون وبالتالي تأثر بنظرية المثل (أكد هذا العامل للمثالية في منهج أرسطو ، وهكذا كان لهذه العوامل الثلاثة أثرها البالغ في منهج أرسطو وفكره السياسي على نحو ما سنوضح فيما يلي :
إضافة : أرسطو هو أستاذ الإسكندر الأكبر ( المقدوني )، وكان يلقب بالمعلم الأول
منهجه :

هو منهج فلسفي مثالي ولكن بمقدمات واقعية ، حيث إنه بدأ عملية المعرفة من الواقع مستهدفا الكشف عما يجب أن يكون (أي الأمثل) ولكن في ثنايا الواقع ، إذن فهو بدأ واقعيا وانتهى مثاليا ، بدأ علميا وانتهى فيلسوفا ، انسلخ عن مقدما أستاذه أفلاطون (الميتافيزيقية) ثم عاد وارتبط به في الهدف ( الكشف عن الأمثل).
تأثر بمناهج العلوم الطبيعية (الطب) في المقدمات ، وتأثر بأستاذه في الهدف (المثالية) .
وقد عبر أفلاطون عن خروج أرسطو عن الميتافيزيقا بقوله :"لقد رفسنا أرسطو كما يرفس المهر أمه "
إضافة : افتتح أرسطو مدرسة علمية عرفت بالليسيوم.
• المجتمع وأصل الدولة :
قدم أرسطو فكرة الغائية في تفسيره لأصل المجتمع ، ومؤدى هذه الفكرة :
"إن لكل مخلوق غاية وغايته تحدد طبيعته" ، وغاية الإنسان هي إشباع سائر حاجاته (مأكل ، وملبس وخلافه) ، ولكنه مخلوق ناقص لا يستطيع أن يشبع كافة حاجاته بمفرده ، وبالتالي فلابد له من التعاون مع بشر آخرين ، وبناء عليه فهو كائن اجتماعي بطبعه لا يعيش إلا في مجتمع.
ولقد كانت الأسرة هي الخلية الأولى في بناء المجتمع وقد استهدف الإنسان بها سائر الحاجات الإنسانية ، ثم إن رغبة الإنسان في تحقيق حياة أسمى دفعته إلى التجمع أكثر فتجمعت الأسر معاً لتشكل القرية ، ثم أراد الإنسان الأفضل ، فتجمعت عدة قرى ونشأت المدينة -الدولة . فالدولة أسمى من الفرد والعائلة والمدينة لأنها تمثل الكل والكل أسمى من الجزء.
الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمدينة
رفض أرسطو شيوعية أفلاطون وقال بأن إلغاء الملكية الخاصة يقضي على الحافز لدى المتفوقين من الناس فالناس عادة لا يهتمون إلا بما يملكون ، كذلك فإن أرسطو (المتزوج والأب) رفض فكرة أفلاطون القائلة بإلغاء نظام الأسرة .
كذلك فقد طالب أرسطو بتحقيق العدل الاجتماعي بهدف تلافي المنازعات الداخلية.
وبالنسبة للطبقات قال بأن طبقة المواطنين هي التي تمتاز بالتشريف السياسي وهى القادرة على الحكم .
أما الطبقات العاملة والحرفية فهي غير مؤهلة للاشتراك في الحكم حيث إن الطبيعة قد أهلتها فقط لتلقي الأوامر.
وظائف الدولة
يتمثل هدف الدولة الرئيسي في ترقية مواطنيها وبالتالي فواجبها الأساسي هو التعليم الذي من شأنه تحويل الأفراد إلى مواطنين صالحين من خلال رفع مستواهم الثقافي والخلقي وتعليمهم العادات الحسنة .
تصنيفه للحكومات
_ ميز بين الدولة ( جموع المواطنين ) والحكومة ( من يتولون إصدار الأوامر )
_ الدستور هو المنظم لجميع الوظائف بالدولة وخصوصا السياسية.
_ قسم السلطات إلى ثلاث سلطات رئيسية ( تشريعية وتنفيذية وقضائية )،كما
نادى بفصل السلطات
أنواع الحكومات (تصنيف الحكومات عند أرسطو)
استند أرسطو في تصنيفه للحكومات إلي معيارين أحدهما كمي والآخر كيفي :
حسب المعيار الكمي قسم الحكومات إلي حكومات فرد وحكومات قلة وحكومات كثرة ،ثم وضع ثلاثة معايير كيفية للحكم على الحكومات من حيث صلاحها وهي :
الالتزام بالقانون وتحقيق العدالة واستهداف الصالح العام ، وطبقا لهذه المعايير صنف الحكومات ، فبالنسبة لحكومة الفرد إذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة ، واستهدفت الصالح العام تكون حكومة صالحة وتعرف بالملكية ، أما إذا لم تلتزم بالقوانين ، وشاع الظلم في ظل حكمها ، واستهدفت مصالح شخصية تكون حكومة فاسدة وتعرف بحكومة الطغيان (أو الاستبداد).
وبالنسبة لحكومات القلة إذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة ، واستهدفت الصالح العام تكون حكومة صالحة وتعرف بالأرستقراطية ، أما إذا لم تلتزم بالقوانين ، وشاع الظلم في ظل حكمها ، واستهدفت مصالح شخصية تكون حكومة فاسدة وتعرف بحكومة الأوليجارشية .
وأما حكومات الكثرة إذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة ، واستهدفت الصالح العام تكون حكومة صالحة وتعرف بالديمقراطية (أو الجمهورية)، أما إذا لم تلتزم بالقوانين ، وشاع الظلم في ظل حكمها ، واستهدفت مصالح شخصية تكون حكومة فاسدة وتعرف بالديماجوجية (الغوغائية أو الفوضوية). أمثل أشكال الحكومات
أمثل أشكال الحكومات عند أرسطو هي الحكومة الدستورية القائمة على سيادة القانون فهي أفضل من الحكومة المطلقة حتى لو كانت مستنيرة يقوم عليها الفلاسفة.
سلطة الحاكم الدستوري تخلق علاقة بين الحاكم و المحكوم أسمى من علاقة السيد والعبد.
نادى باشتراك جميع المواطنين في إصدار القوانين لأن الحكمة الجماعية للشعب أفضل من حكمة أعقل وأفضل المشرعين.
يرى أن القانون يتسم بالموضوعية لأنه العقل المجرد عن الهوى.

مزايا الحكومة الدستورية
تتميز الحكومة الدستورية بالتالي:
أ) استهداف الصالح العام وليس صالحاً فئوياً.
ب) قامت لهدف أخلاقي وهو الارتقاء بمواطنيها.
ج) تعبير عن شركاء يسعون معاً إلى حياة أفضل.
د) تعتمد على القانون (المستمد من عادات وأعراف الجماعة) لا على أوامر تحكمية .
هـ) تحفظ كرامة الأفراد وتستند إلى قناعتهم لا إجبارهم.
خصائص الفكر السياسي اليوناني
1) اعتمد على نظرية المعرفة والفضيلة و الأخلاقية في الحضارة اليونانية.
2) غاية هذا الفكر الوحيدة هي بناء المدينة الفاضلة التي تحقق السعادة للمواطنين.
3) مال الفكر اليوناني في معظم الأحيان إلى الخيال وقيم عالم الروح والابتعاد عن الواقع ودار حول ما يجب أن يكون لا ما هو كائن وبالتالي كان بعيدا عن الواقع.

بع الفكر السياسي اليوناني أرسطو(أرسطوطاليس) 384 : 322 ق.م
بيئته ونشأته
ولد في إستاجيرا اليونانية عام 384 ق.م وتوفي في عام 322ق.م ، وكان أبوه طبيبا في البلاط المقدوني ، وبالتالي فقد اطلع أرسطو منذ نعومة أظفاره على كتب الطب وتأثر بمنهجها (الأمر الذي انعكس بالموضوعية على منهجه) ، كذلك فقد عاش حياته في أثينا كأجنبي وبالتالي فلم تكن له حقوق سياسية ، ولم يطمح في الحكم (وهذا أمر آخر أكد للموضوعية في منهجه) ، ثم إنه تتلمذ على يد أفلاطون وبالتالي تأثر بنظرية المثل (أكد هذا العامل للمثالية في منهج أرسطو ، وهكذا كان لهذه العوامل الثلاثة أثرها البالغ في منهج أرسطو وفكره السياسي على نحو ما سنوضح فيما يلي :
إضافة : أرسطو هو أستاذ الإسكندر الأكبر ( المقدوني )، وكان يلقب بالمعلم الأول
منهجه :

هو منهج فلسفي مثالي ولكن بمقدمات واقعية ، حيث إنه بدأ عملية المعرفة من الواقع مستهدفا الكشف عما يجب أن يكون (أي الأمثل) ولكن في ثنايا الواقع ، إذن فهو بدأ واقعيا وانتهى مثاليا ، بدأ علميا وانتهى فيلسوفا ، انسلخ عن مقدما أستاذه أفلاطون (الميتافيزيقية) ثم عاد وارتبط به في الهدف ( الكشف عن الأمثل).
تأثر بمناهج العلوم الطبيعية (الطب) في المقدمات ، وتأثر بأستاذه في الهدف (المثالية) .
وقد عبر أفلاطون عن خروج أرسطو عن الميتافيزيقا بقوله :"لقد رفسنا أرسطو كما يرفس المهر أمه "
إضافة : افتتح أرسطو مدرسة علمية عرفت بالليسيوم.
• المجتمع وأصل الدولة :
قدم أرسطو فكرة الغائية في تفسيره لأصل المجتمع ، ومؤدى هذه الفكرة :
"إن لكل مخلوق غاية وغايته تحدد طبيعته" ، وغاية الإنسان هي إشباع سائر حاجاته (مأكل ، وملبس وخلافه) ، ولكنه مخلوق ناقص لا يستطيع أن يشبع كافة حاجاته بمفرده ، وبالتالي فلابد له من التعاون مع بشر آخرين ، وبناء عليه فهو كائن اجتماعي بطبعه لا يعيش إلا في مجتمع.
ولقد كانت الأسرة هي الخلية الأولى في بناء المجتمع وقد استهدف الإنسان بها سائر الحاجات الإنسانية ، ثم إن رغبة الإنسان في تحقيق حياة أسمى دفعته إلى التجمع أكثر فتجمعت الأسر معاً لتشكل القرية ، ثم أراد الإنسان الأفضل ، فتجمعت عدة قرى ونشأت المدينة -الدولة . فالدولة أسمى من الفرد والعائلة والمدينة لأنها تمثل الكل والكل أسمى من الجزء.
الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمدينة
رفض أرسطو شيوعية أفلاطون وقال بأن إلغاء الملكية الخاصة يقضي على الحافز لدى المتفوقين من الناس فالناس عادة لا يهتمون إلا بما يملكون ، كذلك فإن أرسطو (المتزوج والأب) رفض فكرة أفلاطون القائلة بإلغاء نظام الأسرة .
كذلك فقد طالب أرسطو بتحقيق العدل الاجتماعي بهدف تلافي المنازعات الداخلية.
وبالنسبة للطبقات قال بأن طبقة المواطنين هي التي تمتاز بالتشريف السياسي وهى القادرة على الحكم .
أما الطبقات العاملة والحرفية فهي غير مؤهلة للاشتراك في الحكم حيث إن الطبيعة قد أهلتها فقط لتلقي الأوامر.
وظائف الدولة
يتمثل هدف الدولة الرئيسي في ترقية مواطنيها وبالتالي فواجبها الأساسي هو التعليم الذي من شأنه تحويل الأفراد إلى مواطنين صالحين من خلال رفع مستواهم الثقافي والخلقي وتعليمهم العادات الحسنة .
تصنيفه للحكومات
_ ميز بين الدولة ( جموع المواطنين ) والحكومة ( من يتولون إصدار الأوامر )
_ الدستور هو المنظم لجميع الوظائف بالدولة وخصوصا السياسية.
_ قسم السلطات إلى ثلاث سلطات رئيسية ( تشريعية وتنفيذية وقضائية )،كما
نادى بفصل السلطات
أنواع الحكومات (تصنيف الحكومات عند أرسطو)
استند أرسطو في تصنيفه للحكومات إلي معيارين أحدهما كمي والآخر كيفي :
حسب المعيار الكمي قسم الحكومات إلي حكومات فرد وحكومات قلة وحكومات كثرة ،ثم وضع ثلاثة معايير كيفية للحكم على الحكومات من حيث صلاحها وهي :
الالتزام بالقانون وتحقيق العدالة واستهداف الصالح العام ، وطبقا لهذه المعايير صنف الحكومات ، فبالنسبة لحكومة الفرد إذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة ، واستهدفت الصالح العام تكون حكومة صالحة وتعرف بالملكية ، أما إذا لم تلتزم بالقوانين ، وشاع الظلم في ظل حكمها ، واستهدفت مصالح شخصية تكون حكومة فاسدة وتعرف بحكومة الطغيان (أو الاستبداد).
وبالنسبة لحكومات القلة إذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة ، واستهدفت الصالح العام تكون حكومة صالحة وتعرف بالأرستقراطية ، أما إذا لم تلتزم بالقوانين ، وشاع الظلم في ظل حكمها ، واستهدفت مصالح شخصية تكون حكومة فاسدة وتعرف بحكومة الأوليجارشية .
وأما حكومات الكثرة إذا التزمت بالقوانين وحققت العدالة ، واستهدفت الصالح العام تكون حكومة صالحة وتعرف بالديمقراطية (أو الجمهورية)، أما إذا لم تلتزم بالقوانين ، وشاع الظلم في ظل حكمها ، واستهدفت مصالح شخصية تكون حكومة فاسدة وتعرف بالديماجوجية (الغوغائية أو الفوضوية). أمثل أشكال الحكومات
أمثل أشكال الحكومات عند أرسطو هي الحكومة الدستورية القائمة على سيادة القانون فهي أفضل من الحكومة المطلقة حتى لو كانت مستنيرة يقوم عليها الفلاسفة.
سلطة الحاكم الدستوري تخلق علاقة بين الحاكم و المحكوم أسمى من علاقة السيد والعبد.
نادى باشتراك جميع المواطنين في إصدار القوانين لأن الحكمة الجماعية للشعب أفضل من حكمة أعقل وأفضل المشرعين.
يرى أن القانون يتسم بالموضوعية لأنه العقل المجرد عن الهوى.

مزايا الحكومة الدستورية
تتميز الحكومة الدستورية بالتالي:
أ) استهداف الصالح العام وليس صالحاً فئوياً.
ب) قامت لهدف أخلاقي وهو الارتقاء بمواطنيها.
ج) تعبير عن شركاء يسعون معاً إلى حياة أفضل.
د) تعتمد على القانون (المستمد من عادات وأعراف الجماعة) لا على أوامر تحكمية .
هـ) تحفظ كرامة الأفراد وتستند إلى قناعتهم لا إجبارهم.
خصائص الفكر السياسي اليوناني
1) اعتمد على نظرية المعرفة والفضيلة و الأخلاقية في الحضارة اليونانية.
2) غاية هذا الفكر الوحيدة هي بناء المدينة الفاضلة التي تحقق السعادة للمواطنين.
3) مال الفكر اليوناني في معظم الأحيان إلى الخيال وقيم عالم الروح والابتعاد عن الواقع ودار حول ما يجب أن يكون لا ما هو كائن وبالتالي كان بعيدا عن الواقع.

ثالثا ـ أرسطو
أحد أكبر و أهم مؤسسي الفكر السياسي الغربي. كتابه الشهير "السياسة" الذي كتب قبل خمسة وعشرين قرنا، في غناه وتحليلاته و نتائجه حول طبيعة السلطة السياسية، أيضا تأثيره الكبير الذي استمر حتى اليوم،سيكون محور حديثنا عن الفكر السياسي عند أرسطو.ولكن معرفة الأحداث الهامة في حياة أرسطو هي مهمة من أجل فهم عمله الشهير هذا،فمن جهة،أرسطو طور منهجه في التحليل انطلاقا من خبرته الشخصية،ومن أخرى، أقام فكره السياسي على ملاحظة الحقيقة "اليونانية" في زمنه.

ولد أرسطو في Stagire عام 383 قبل الميلاد، والده كان طبيبا للملك.ولكن الطب لم يكن علما بل فنا انتقل من الأب إلى ابنه. ولكن بما أنه ولد في Stagire هذا الشيء جعل منه دخيلا في أثينا.إذا لا يستطيع المشاركة في الحياة السياسية للمدينة لذلك التزم بالمراقبة والتنظير في هذا المجال.درس أرسطو على يد أفلاطون في أثينا حيث كان "للأكاديمية" الأفلاطونية مكانة كبيرة جذبت الكثير إليها ومن مختلف مناطق اليونان القديمة. غادر أثينا إلى طروادة بدعوة من "Hermias" طاغية " أرتارني". أسس فيها أرسطو مدرسة أفلاطونية وحاول أن يلعب دور المستشار عند هذا الطاغية كي يؤثر على قراراته السياسية.فشل في مهمته فغادر إلى "ليسبوس"وأسس مدرسة جديدة.

تأثرت أولى أعماله بأفكار أفلاطون،فنشر العديد من الحوارات ضمن الشكل الذي استخدمه سابقا أفلاطون، حول المشاكل السياسية.من بين هذه الأعمال "الحوارات" نجد: "السفسطائي"، "النبل"، "التعليم"، و "الصداقة". أما كتاب "السياسة" هو المؤلف الأهم عند أرسطو.الكتاب يتألف وفق الشكل التالي : في الكتاب الأول،أرسطو يدرس تنظيم البيت ويحاول اكتشاف الأشكال الأساسية للحياة الاقتصادية،الاجتماعية والسياسية، إذا نقطة البادية تكون من محيط عائلي. في الكتاب الثاني يدرس الأشكال المختلفة للحكومة،وفي الثالث يقدم نظرية الدستور ويقترح تنظيما أو ترتيبا لمختلف أشكال الحكم، في الكتب الرابع،الخامس والسادس يحلل الأشكال المختلفة للأوليغارشية،الديمقراطية و لما سماه"politie" وهو شكل الحكومة الذي يفضله كما سنرى.

1ـ التحليل الأرسطي أو "الأرسطوطاليسي".
أولاـ تحليل الحقيقية هو أساسي.
التكوين الطبي الذي عرفه أرسطو أثر تكوينه الفكري.حيث يطبق أرسطو السياسة على نفس المنهج الذي يحلل به علم الأحياء أو البيولوجي،وهنا يقول أرسطو:" في الواقع وكما في الحقول الأخرى،إنه من الضروري تجزئة المركب إلى أصغر عناصره الممكنة،كذلك حيث أننا نعتبر العناصر في المدينة أنها مركبة،سنرى بشكل أفضل إن كانت هذه العناصر تمتلك مفهوما علميا" . ومن الضروري الانطلاق من الأكثر سهولة إلى الأكثر عمومية وشمولا، وبعد ذلك تحليل الأشياء الأكثر تعقيدا. وعمليا هذه الطريقة أو المنهج سنراه عند ديكارت في عمله " مقال أو حديث في المنهج". وبالنسبة لأرسطو بتطبيقه هذا المنهج فإنه ينطلق من الفرد ثم إلى العناصر الأكثر تعقيدا: العائلة،القرية ومن ثم المدينة.
ثانيا ـ مفهوم عضوي " عضواني" organiciste.
أرسطو لديه مفهوما عضويا للمجتمع،إنه يقارن المجتمع بجهاز عضوي يعيش بفضل التعاون بين مختلف الأعضاء حيث أن العناصر المركبة للجهاز ليس لديها مصلحة إلا ضمن مقياس تكون فيه مرتبطة بالكل"الجهاز". ويرى أرسطو المدينة أنها تشبه العائلة و القرية والتي لا تستطيع العيش بشكل معزول،هذا يعني أن المدينة تشكل وحدة يمكن أن تعيش بشكل مستقل عن الآخرين،والتي لديها منطقها الخاص،حاجاتها ووسائلها.من هنا "مدينة" أرسطو تشبه الدولة ولكن لا يمكنها أن تختلط معها.إذا يوجد اختلاف في الطبيعة بينهما،بين المدينة والدولة، اختلاف على أساس جغرافي ووظائفي يتعلق بالمؤسستين.


2ـ الأشكال المختلفة للحكومة عند أرسطو.
أ ـ نطاق التحليل.
استخدم أرسطو التحليل العلمي للوقائع السياسية بفضل التجربة السياسية التي حصل عليها بصفته مستشارا "سياسيا". ومن أجل القيام بتحليله عرّف أرسطو وبدقة النطاق أو المحيط الذي بداخله تطور تفكيره، أو ما يمكن أن نطلق عليه "نطاق التحليل" أو "المعطيات الأساسية".

أولا ـ المدينة.
من خلال الوقائع السياسية التي عاشها أرسطو في زمنه نراه يعالج ويحلل موضوع "المدينة" كوحدة أساسية للتحليل. والمدينة بالنسبة له ليست مخلوق إنسانيا،بل إنها معطى طبيعيا:" إنه من الواضح أن المدينة هي حقيقة طبيعية وأن الإنسان هو بالطبيعة كائن موجه للعيش في مدينة".بمعنى آخر، أن أرسطو يرى وجود سابقا للمدينة على الفرد.فالمدينة موجودة في الطبيعة نفسها والإنسان هو عنصر،من غيرها، لا يستطيع العيش. أيضا يظهر أرسطو وكأنه فيلسوفا غير فردي individualiste،وهو واضح جدا في هذه النقطة :"الإنسان الذي لا يستطيع العيش في جماعة أو الذي لا يحتاج إليها نهائيا لأنه يكتفي بنفسه،لا يشكل جزءا من المدينة، إذا إما هو وحش أو إله" . وبالنسبة لأرسطو المجتمع هو تعددي بالطبيعة.بينما نجد عند أفلاطون أن "الوحدة" يجب أن تطبع المدينة بطابعها وأية قطيعة في هذا المجال هي تراجع يحدث تأخرا وانحلالا في المجتمع ككل. بالإضافة لذلك، أرسطو يقبل بأن "المدينة" مركبة من عناصر مختلفة ولكنه يعتبر أنها ليس لديها حظ أو فرصة بالحفاظ على تنوعها إلى بشرط من خلاله كل جزء أو عنصر يكون ليده مصلحة بالبقاء، وبالنتيجة، سيكون هناك إرادة بضمان الاستمرار والديمومة.

ثانيا ـ طبيعة السلطة.
يتناول أرسطو هذا الموضوع من خلال معرفة إذا كانت السلطة "كلا واحدا" في طبيعتها أم هي متعددة.أرسطو يعترض كليا على المفهوم القائل "بوحدة طبيعة السلطة". ومن هنا يوجه انتقاداته للأطروحات التي تدافع عن "وحدة السلطة" كما نراه في النص الأرسطي التالي:" البعض يعتقد بوجود علم أو معرفة، إنه سلطة السيد و هي نفس الشيء بالنسبة لرب العائلة، السيد،رجل الدولة و الملك...والبعض الآخر، يرى أن سيطرة وهيمنة السيد هي ضد الطبيعة،في الواقع إنه القانون هو الذي يجعل هذا عبدا وذاك حرا؛وفي الحالة الطبيعة لا يوجد فرقا،كذلك التسلط ليس عدلا لأنه عنيف" . أرسطو لا يعتقد بأن السلطة "واحدة" لأنه إذا وجد خضوع لشخص ما في أية علاقة من علاقات السلطة، طبيعة هذا الخضوع هي مختلفة وفق الظرف الذي يكون قائما.إذا نظرية وحدة السلطة هي زائفة لأن كل أشكال السلطة لا تطبق بشكل واحد على نفس الأشخاص ولا تستخدم جميعها نفس النهج أو الطريقة.

بالمقابل،الفكرة القائلة أن السلطة ليس لديها طبيعة واحدة هي صحيحة ولكن العرض الذي يسمح بالوصول لهذه الخلاصة ليس مرضيا بشكل كلي.في الواقع، ومن أجل أن يكون هذا العرض مقنعا،يحاول أرسطو توضيح لماذا السلطة الممارسة على الناس الأحرار و المتساوين هي مختلفة بالوسائل المستخدمة عن تلك السلطة التي تمارس داخل العائلة، أو بشكل خاص على العبيد. تعريف طبيعة السلطة السياسية، كسلطة مختلفة عن الأشكال الأخرى للسلطات، هو من المشاكل الأساسية للنظرية السياسية والإجابة المقدمة من أرسطو هي عنصر خاضع للنقاش كما يمكن مقارنتها مع الحلول الأخرى التي اقترحت من قبل آخرين.
، المرجع السابق، صفحة 35. Dimitri Georges Lavroff ـ




ثالثا ـ المواطن.
وفق أرسطو المواطن ليس بالضرورة أن يعرّف أو يوصف من خلال إقامته في إقليم محدد. حيث يوجد أشخاص يقيمون في إقليم معين ولا يتمتعون بصفة مواطن، وهذا هو وضع العبيد أو الأجانب في اليونان القديم. لذلك يقترح تعريفا إيجابيا. المواطن يعرّف بداية من خلال المشاركة في ممارسة وظائف القاضي والقضاء. وهنا أرسطو يسند في مرجعية التعريف إلى أوضاع المواطنين في المدن اليونانية القديمة وخاصة في أثينا. أيضا القدرة على التصرف و التحرك ضمن الأجهزة السياسية والقدرة في الحصول على العدالة هي عنصر مهم من وضعية المواطنة. ونكمل ذلك بصفات أخرى للمواطنة عند أرسطو، حيث يقترح الحل التالي:" أيا كان لديه الإمكانية بالمشاركة في السلطة التنفيذية أو القضائية؛نستطيع القول إنه مواطن في هذه المدينة"

ب ـ التصنيف الشكلي للدساتير.
أولا ـ ما هو الدستور.
يعرّف أرسطو الدستور في أجزاء متعددة من مؤلفه وهذه التعريفات ليست جميعها متشابهة. بداية، الدستور هو " تنظيم مختلف الهيئات القضائية في المدينة وبشكل خاص تلك التي تضمن السلطة السيادية في كل مكان،وفي الواقع، الحكومة تمتلك السلطة العليا في المدينة،ومن هنا،الدستور هو الحومة" . هذا التعريف يعطينا مجموعة من الملاحظات: حيث نرى أنه يستند إلى تنظيم الهيئة القضية كمرجع للتعريف. وفي نفس الوقت هو يشير إلى الأخذ بالحسبان للسلطة العليا كسلطة بيد الحكومة، وهنا أرسطو يشابه بين الدستور والحكومة.

يعطي أرسطو تعريفا آخر للدستور:" الدستور،في الواقع،هو تنظيم السلطات في المدينة،مثبتا شكل وطريقة الفصل بينها وطبيعة السلطة السيادية في الدولة ثم الحياة الخاصة لكل جماعة" . هذا التعريف يستند على فكرة أن الدستور يتعلق مباشرة بالتنظيم و فصل السلطات السيادية داخل المدينة. طبعا التعريف الثاني للدستور مع بعض التغييرات البسيطة يمكن تبنيه في عصرنا الحالي، وهنا تكمن عظمة هذا الفكر السياسي الأرسطي الذي لم يتغير عبر العصور.



ثانيا ـ معايير تصنيف الدساتير.
رأينا ووفق تعريفات أرسطو أن الدساتير متنوعة جدا.ولكن بالنسبة له، يوجد معيارا عاما يتكون من عنصرين أساسيين :
1ـ عدد الحكام :" بما أن الدستور والحكومة يشيران إلى نفس الشيء وأن الحكومة هي السلطة صاحبة السيادة في المدن،هذه السيادة هي إما فرد واحد،جماعة صغيرة أو مجموع المواطنين".
2ـ البحث عن المصلحة العامة: فعند أرسطو لا بد من التمييز بين الدساتير التي هي صحيحة:"هذا يعني الدساتير التي فيها الحكومات تبحث عن تحقيق المصلحة العامة"، والدساتير الناقصة:"والتي تتصف بممارسة السلطة من أجل تحقيق مصالح مجموعة صغيرة".

ثالثا ـ التصنيف الأرسطي المقترح.
من خلال تطبيق المعايير السابقة يضع أرسطو التصنيف التالي والذي يسميه " الأشكال النقية أو الصافية":
1ـ الحكومة التي يديرها فرد واحد، والتي تتطابق مع الملكية، حيث يوجد نظام ملكي يهدف لتحقيق المصالح العامة.
2ـ حكومة بعض الأفراد، وهي الأرستقراطية، وفيها نجد قبولا " إما لأن الأفضل هم في السلطة، أو لأن سلطتهم تهدف إلى تحقيق أكبر نفع ممكن للمدينة ولأعضائها".
3ـ الشعبية أو الجماهيرية، "وتوجد عندما الأغلبية في المدينة تحكم من أجل المنفعة العامة".

إلى جانب هذه التصنيفات "النقية" نجد عند أرسطو التصنيفات التي يسميها "الفاسدة"، وهي تقوم على دساتير يعود الحكم فيها لمجموعة تتصرف وفق مصالحها الخاصة وهي :
1ـ الطغيان، وهو الشكل الفاسد للملكية ويتصف بممارسة السلطة من قبل شخص ولمصالحه الشخصية.
2ـ الأوليغارشية، وهي تشويه للأرستقراطية، حيث حكومة يترأسها الأغنياء يعملون لمصلحتهم.
3ـ الديمقراطية، وهي الشكل الفاسد "للجماهيرية أو الشعبية"، حيث يوجد حكومة فيها أكبر عدد ممكن من الشعب،ولكن تمارس سلطتها لمصلحة الفقراء والذين هم أكثر عددا وليس للمصلحة العامة كما هو الحالة في الحكومة الشعبية.




ت ـ التصنيف الواقعي للدساتير والأشكال المختلفة للديمقراطية.
أدخل أرسطو معيارا يرتكز على التركيب الاجتماعي للجماعات التي تحكم، وعلى المشاركة لكل من هذه المجموعات في ممارسة السلطة. ويقصد هنا تصنيف للدساتير الاجتماعية.
الأشكال المختلفة للديمقراطية.
أدخل أرسطو معيارين إضافيين على نموذج الحكم الشعبي "النقي" وهما :طرق الحصول على السلطة والوضعية المهنية المسيطرة داخل هذه الأنظمة. وفق أرسطو يوجد خمس طبقات اجتماعية أساسية وهي : المزارعون،الحرفيون،التجار،العمال المأجورون، العسكريون. عندما تمارس السلطة من قبل فئة من هذه الفئات الاجتماعية سنكون أمام شكل خاص من الديمقراطية. يعرّف أرسطو هذا الشكل كالتالي:"شكل آخر للديمقراطية هو المشاركة للجميع في الهيئات القضائية،بشرط واحد هو أن يكونوا مواطنين ولكن من غير حكم للقانون". وفي النهاية نجد شكلا آخرا للديمقراطية عند أرسطو،ويتصف بوجود جميع الشروط السابقة ولكن مع اختلاف هو أن السلطة تعود للجماهير الشعبية وليس للقانون.

هناك تصنيف يعتمد الفئات الاجتماعية المسيطرة، ويميز فيه أرسطو ثلاثة أشكال أساسية للديمقراطية: أولا، ديمقراطية تصنف بالريفية، وفيها "الزارعون و المالكون لميزانية متوسطة يسيطرون على السلطة العليا للدولة".ثانيا، "ديمقراطية" فيها:" جميع المواطنين لديهم الحق في المشاركة باتخاذ القرار ولكن يحق فقط لمن لديه وقت فراغ أن يحصل على هذا الحق"، وبالطبع الأغنياء هم أكثر الناس حصولا على هذا الوقت.ثالثا، ديمقراطية الجماهير الشعبية.كل المواطنين يشاركون في الحكم"إنها الجماهير الفقيرة التي تحكم وليس القانون، وهي تسيطر على السلطة العليا للدولة"
Next Post Previous Post